«40 % من الجرحى أصبحوا معوقين».. الأطباء اللبنانيون يكافحون وسط انهيار النظام الصحي

«40 % من الجرحى أصبحوا  معوقين».. الأطباء اللبنانيون يكافحون وسط انهيار النظام الصحي

كانت الدكتورة دانيا الحلاق منهكة بالفعل، فبعد انفجار الأجهزة اللاسلكية في جميع أنحاء لبنان، لم يكن لديها سوى القليل من الوقت لمعالجة مئات الجرحى الكثير منهم تشوهت وجوههم لدرجة يصعب التعرف عليها.

نقلت صحيفة "نيويورك تايمز"، عن الحلاق، وهي لا تزال تكافح لتقدير حجم المذبحة التي وقعت يوم الجمعة الماضي قولها: "آمل أن يكون كل هذا مجرد حلم سيئ".

وقالت في حالة من عدم التصديق: "هل هناك ضربات في الضاحية؟"، مستخدمة الاسم العربي للضاحية الجنوبية لبيروت.

وأدت الهجمات على أجهزة الاتصالات التابعة لحزب الله هذا الأسبوع -والتي تُنسب على نطاق واسع إلى إسرائيل- إلى إصابة الآلاف من الناس، ما جعل العديد منهم معاقين بشكل دائم ويحتاجون إلى رعاية تأهيلية طويلة الأجل، كما أسفرت الغارة الجوية الإسرائيلية على بعد أميال قليلة من وسط مدينة بيروت يوم الجمعة، عن مقتل 37 شخصًا على الأقل وإصابة العشرات، لا يزال من المفترض أن آخرين محاصرين تحت الأنقاض.

وفي هذا الوقت عمل النظام الصحي المتهالك في لبنان -الذي يعاني بالفعل من انهيار اقتصادي مشلول- بأقصى سرعة.

قال كبير الجراحين في المركز الطبي للجامعة الأمريكية في بيروت، د. غسان أبو ستة: "الشعور هو أن الحرب حتمية، وخاصة بعد الغارة الجوية أمس".

في العام الماضي، أمضى أبو ستة 43 يومًا متطوعًا في غزة في وحدة علاج الحروق في مستشفى الشفاء، وعندما ضربت الغارة الجوية الإسرائيلية يوم الجمعة بينما كان لا يزال يجري عمليات جراحية لأولئك الجرحى في هجمات الأجهزة اللاسلكية، قال إنه شعر وكأنه عاد فجأة إلى الجيب الفلسطيني المحاصر.

وأضاف: "لقد أصبحنا عالقين في هذه الحلقة المفرغة.. إنك لا تفعل شيئاً سوى العمل والعمل.. وتشعر وكأنك تحاول اللحاق بالركب طوال الوقت".

وترى "نيويورك تايمز" أنه خلال أحد عشر شهراً، كان حزب الله يطلق النار على شمال إسرائيل دعماً لحماس في غزة، وردت إسرائيل بقصف لبنان واغتيال زعماء حزب الله، وفر أكثر من 160 ألف مدني من المناطق على جانبي الحدود.. ولكن العنف الذي شهدناه في الأيام الأخيرة كان بمثابة تصعيد كبير في الصراع، الأمر الذي أثار المخاوف من أن إسرائيل تستعد لحرب شاملة.

 وصدمت الوحشية المفاجئة للهجمات التي تم شنها عبر الأجهزة اللاسلكية هذا الأسبوع، والتي شهدت انفجار أجهزة النداء وأجهزة الراديو المحمولة باليد دون سابق إنذار، حتى أكثر الأطباء اللبنانيين صرامة.. فقد انفجرت العيون، وتمزقت الوجوه بسبب شظايا البلاستيك المحترقة، وتشوهت الأيدي والأصابع إلى الحد الذي لم يكن أمام الأطباء من خيار سوى بترها.

وقال الأطباء إن العديد من الضحايا -ومن بينهم نساء وأطفال- لن يروا بأعينهم مرة أخرى.

وقال الدكتور بيير مارديلي، وهو طبيب عيون مخضرم استجاب لنداء المتطوعين هذا الأسبوع عندما انتشرت أنباء الموجة الأولى من الانفجارات يوم الثلاثاء: "كان هذا الهجوم موجهًا حرفيًا إلى العيون".

وقال مرضاه إنهم تلقوا رسالة خطأ على أجهزة النداء الخاصة بهم، مما دفعهم إلى محاولة إصلاح المشكلة، ثم انفجرت الأجهزة في أيديهم، ويبدو أن هذا كان أحد العوامل الرئيسية التي تسببت في إصابة العديد من الناس بالعمى.

وقال: "لم يكن لدى الناس الوقت حتى لرمش".

وقال الدكتور مارديلي إنه اضطر لأول مرة في حياته المهنية التي استمرت 27 عامًا إلى خياطة جروح العين دون تخدير، مع اكتظاظ المستشفيات بتدفق المرضى.

وقال وزير الصحة اللبناني، فراس أبيض، للصحفيين يوم الخميس: "لقد كان هجومًا عشوائيًا"، واصفًا العبء الذي فرضته الهجمات على النظام الصحي في لبنان بـ"جريمة حرب".

وقال الدكتور أبو ستة: "إن النظام الصحي اللبناني غير قادر بأي حال من الأحوال على علاج جرحى الحرب إذا تصاعدت الأمور إلى حرب شاملة".

وقال الأطباء إن عملية إعادة التأهيل ستكون طريقًا طويلًا وصعبًا لمئات إن لم يكن الآلاف من الناس.

وقدر الدكتور أنطوان أبي عبود، الذي يقود وحدة الجراحة التجميلية والترميمية في مستشفى جبل لبنان في بيروت، أن ما لا يقل عن 40% من الجرحى في موجة هجمات الأجهزة اللاسلكية أصبحوا معوقين بشكل دائم.

وقد استقبل المستشفى بعض الحالات الأكثر شدة يوم الثلاثاء بسبب قربه من الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث وقعت معظم تفجيرات أجهزة النداء، وقال الدكتور أبي عبود إن أغلب الأشخاص الذين عالجهم فقدوا إحدى عينيهم أو كلتيهما، مضيفا: "لقد كان الأمر وحشياً".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية